السادات إلى جانب أقزام فترته كان عبقرياً

رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية خلال حرب 1973: السادات إلى جانب أقزام فترته كان عبقرياً وواحداً من أكبر السياسيين في جيله

  • رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية خلال حرب 1973: السادات إلى جانب أقزام فترته كان عبقرياً وواحداً من أكبر السياسيين في جيله

اخرى قبل 7 شهر

رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية خلال حرب 1973: السادات إلى جانب أقزام فترته كان عبقرياً وواحداً من أكبر السياسيين في جيله

الناصرة- وديع عواوده

يصمم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في حرب 1973 الجنرال إيلي زعيرا (96 عاماً) على اعتبار أشرف مروان قد عمل جاسوساً لصالح مصر، ويقول، في حديث واسع لملحق صحيفة “يديعوت أحرونوت”، إن الرئيس المصري الراحل أنور السادات واحدٌ من كبار السياسيين في جيله، وإنه كان عبقرياً إلى جانب أقزام في تلك الفترة”.

 ويعود  زعيرا إلى ما سبق حرب 1967 ويذكر أن أهارون ياريف، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، حينها، توقع عدم اندلاع حرب بين إسرائيل ومصر في الأعوام المقبلة، وعلى الرغم من ذلك، خلال منتصف أيار/مايو 1967، وجدت إسرائيل نفسها محاطة بجيوش مصر وسوريا والأردن، تتجهز على حدودها.

ويقول زعيرا إن النصر ضلل خطأً شعبة الاستخبارات العسكرية، وإن “السؤال المهم الذي لم نسأله، حينها، لم يكن لماذا فشلت الاستخبارات، السؤال المهم الذي لم نسأله هو عن مكانة تقديرات الاستخبارات في مسار اتخاذ المستوى السياسي القرار.

ويضيف: “في المقابل، حينها، حدثت أزمة حادة في العلاقة بين الجيش ورئيس الحكومة ليفي إشكول، عندما طالبه أعضاء هيئة الأركان بالسماح للجيش بالمبادرة والهجوم”. و”مقارنةً بسنة 1967، يجب الإشارة إلى ملاحظة صغيرة: عندما حدثت هذه الأزمة، كان الجيش برمته مجنداً قبل أسبوعين تقريباً. هنا يكمن الفرق الأساسي”.

 ويعود زعيرا إلى الليلة المصيرية، بين 4 و5 تشرين الأول/أكتوبر، قبل يوم من اندلاع الحرب، ليضيف: “وحدة تابعة للاستخبارات العسكرية، تسمى اليوم 8200، اكتشفت خلال الليل، وعندما كانت تتنصت على مستشارين روس، أنه يوجد أزمة كبيرة تمتد من موسكو حتى دمشق، ويجري إجلاء عائلات المستشارين الروس إلى روسيا. وعندما اتصل بي يوآل بن بورات، الذي كان قائد الوحدة آنذاك، اعتقدت أن هذه المعلومات هي بمثابة تحذير من حرب. لذلك، اتصلت مباشرة برئيس الموساد تسفي زامير، على الرغم من أن الساعة كانت الثانية ليلاً، وذلك لاعتقادي أن هذا التطور مهم جداً. حينها، قال لي زامير إنه يتجهز للصعود إلى طائرة والسفر إلى لندن للقاء مَن تعرفونه. يبدو أن زعيرا يرتدع، حتى اليوم، عن ذكر اسمه بوضوح، أشرف مروان، رئيس ديوان الرئيس المصري الذي يستطيع القيام بكل شيء، والذي كان يعمل لدى الموساد، وكان “لديه معلومات مهمة جداً عن تجهيزات عسكرية في مصر”.

قرر السادات الذهاب إلى الحرب بما هو موجود من أجل التوصل إلى مفاوضات سياسية، والحصول من غولدا مئير وديان على ما رفضا إعطاءه من دون حرب

إنذار حرب

وتستذكر الصحيفة أنه، في أعقاب هذه التطورات، عُقد اجتماع، بعد عدة ساعات، عند وزير الأمن موشيه ديان، وأن زعيرا وحده، وبفضل المحادثة الهاتفية، كان يعلم بسفر رئيس الموساد حينها، تسفي زامير، إلى لندن للقاء مروان. ويعلق زعيرا قائلاً: “هذا لم يكن مهماً جداً بالنسبة إلي، ففي الاجتماع نفسه الذي عُقد قبل 30 ساعة من اندلاع الحرب، قلت لموشيه ديان: الروس في حالة هلع، يقومون بإجلاء عائلات المستشارين، والطائرات الروسية خرجت من أوديسيا في طريقها إلى دمشق. الخطوة رقم واحد. موشيه ديان، وبحق، يفسر هذا كإنذار حرب. “ما الذي لم يقُم به؟ الخطوة الضرورية، وهي تجنيد جيش الاحتياط. ماذا فعل؟ اسمحوا لي بأن أقول لكم، لأنني كنت هناك. لقد قرأ لنا برقية جهزها لإرسالها إلى كيسنجر. البند رقم واحد، العرب، سماهم العرب، يخططون لضربنا بشكل مفاجئ. البند الثاني: نحن نعلم بهذا، ولن نتفاجأ. البند الثالث: لن نضرب أولاً”.

ويتابع زعيرا: “بعد انتهاء هذا الاجتماع، ذهب ديان مباشرة إلى ديوان غولدا. كانت هناك، وكان هناك أيضاً دافيد العازار قائد الجيش، وكنت أنا، وأيضاً المستشار الخاص بها يسرائيل غاليلي. وفي تلك اللحظة، حصل ديان على مصادقة غولدا لإرسال البرقية إلى كيسنجر. ولم يكن هناك خلاف بين ديان وغولدا على أن المعلومة التي وصلت من شعبة الاستخبارات العسكرية كانت بمثابة تحذير من حرب. وأكثر من ذلك، فإن غاليلي، الذي كان يتمتع بمعرفة وخبرة كبيرة، افتتح الحديث وقال، وأنا أستحضر من ذاكرتي: لأنه من الممكن أن تندلع الحرب غداً، وغداً هو يوم السبت، وأيضاً يوم الغفران، نحن نخوّل منذ الآن وزير الأمن ورئيسة الحكومة إدارة هذه الحرب”.

مقومات الحرب

وحسب الصحيفة العبرية، نبّهَ زعيرا أيضاً إلى ما قاله رئيس هيئة الأركان في الجلسة نفسها، بحسب البروتوكول: لدى المصريين منظومة تملك كل المقومات اللازمة للهجوم. ولأنني لا أتطرق إلى التحليلات، يجب أن نبحث في ما إذا كنا نملك أي إثبات على أن هذه المنظومة لديهم ليست هجومية. علي أن أعترف بأن لديهم قدرات تقنية للهجوم في هذه البنية. ويلخص دافيد العازار بأنه “أولاً، لا يوجد أي إثبات على أنهم لا يريدون الهجوم؛ وثانياً، لديهم القدرة على الهجوم”.

وهنا يسترجع زعيرا المزيد من تفاصيل تلك الساعات قبيل اندلاع الحرب: “نحن هنا كنا على بُعد 30 ساعة قبل الحرب. لو جندوا الاحتياطيين، بحسب النظرية الأمنية، بدلاً من الاكتفاء بإرسال برقية إلى كيسنجر، وأرسلوا البرقية إلى أنفسهم لكان في إمكانهم البدء بعملية التجنيد قبل 24 ساعة. لكنهم بدأوا بالتجنيد قبل ست ساعات من بدء الحرب. كان لديهم الإمكانية للقيام بذلك قبل 30 ساعة، وبدأوا قبل ست ساعات. ومن هنا، بدأت القصة بأننا تفاجأنا”.

وعلى الرغم من هذا، فإنك أنت أيضاً لم تقل إن حرباً ستندلع؟

“تقديراتي ليست مهمة. المهم هي المعلومات التي مررتها لديان، مجرد خروج العائلات الروسية. هذه نقطة مفتاحية. الحقيقة أن ديان لم ينتظر تحليلاتي. كان لديه تحليلاته الخاصة، وهي أنهم سيهاجموننا بشكل مفاجئ. وكان يقرأ البرقية التي سيرسلها إلى كيسنجر”.

هل كان يضلل كيسنجر للوصول إلى شيء ما؟

“من غير الممكن ذلك. لقد كان يستطيع أن يغرر بالعالم كله، ومن ضمنه ضباط الجيش وجميع مركبات الحكومة. لكن، مع كيسنجر لا يستطيع”.

سيسأل القارئ، إذا كانت معلومات الـ 8200 بمثابة تحذير، فكيف استمر موقف وحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية إزاء عدم اندلاع حرب، ومواصلة الحديث هناك عن “احتمال منخفض”؟

“وحدة واحدة داخل شعبة الاستخبارات جاءت بالتحذير، ووحدة أُخرى أخطأت في تقديراتها، وحدة الأبحاث. الأمران حدثا بالموازاة على مدار ساعات. إذن أولاً، إن أسباب الخطأ قابلة للبحث بحد ذاتها. أنا لم أقم بها. أنا لا أعرف لماذا توصلوا إلى الاستنتاج الخاطئ الذي كان من الواضح أنهم توصلوا إليه. ثانياً، أنا مسؤول أيضاً عن الاستنتاجات الخاطئة الخاصة بهم. رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية مسؤول عن كل شيء، عن نجاح الـ8200، وأيضاً خطأ وحدة الأبحاث”.

إذا كانت الأمور واضحة إلى هذا الحد، وكان يجب أن تكون واضحة لغولدا وأيضاً لديان، فكان عليك القول: أنا لا أقبل تقديرات وحدة الأبحاث؟

“أعطيت المعلومات لديان، نقطة. فسرها بأنها تحذير من حرب، نقطة. هذا هو كل شيء، هذه هي القصة. مباشرةً بعد هذه الاجتماعات، ظهيرة يوم 5 تشرين الأول/ أكتوبر، تمت دعوته، بهلع، إلى اجتماع بمشاركة الوزراء في تل أبيب، كي يتم إعلامهم بإمكانية اندلاع حرب غداً. وفي الجلسة نفسها، تم الحديث أيضاً عن أن غولدا لن تسافر برفقة عائلتها إلى كيبوتس رافيفيم، إنما ستبقى في منزلها في رامات أفيف. في الاجتماع قالت مئير: أطلب منكم جميعاً أن تتركوا رسائل تفيد بمكانكم غداً. هذا معناه عملياً أن الحديث يدور عن حرب غداً. وهو ما يعيدني إلى نقطة البداية نفسها: ماذا فعلوا، وماذا لم يفعلوا”.

إذن، لماذا في رأيك، لم يجندوا الاحتياط؟ وبمَ فكرتم، أنت ومَن كانوا معك، هل قلتم إنهم لا يعملون، وفقاً للنظرية الأمنية؟

“”أستطيع أن أظهر أمامكم على أنني الرجل الأكثر ذكاءً في العالم، وأن أقول لكم إنني رأيتهم يخطئون. لن تسمعوا مني كلمة واحدة عما فكرت فيه في تلك اللحظة. لا تصدقوا أيضاً مَن يخبركم بما دار في باله حينها. أنا أتحدث عن حقائق. والحقائق هي أنكم أنتم الوزراء، أنتم الحكومة، قلتم إنهم سيهاجموننا بشكل مفاجئ، وحتى أنكم أعلمتم الأميركيين بذلك، ولم تجندوا أي شخص؟”.

زعيرا: الجاسوس المصري أشرف مروان كان أفضل جاسوس جندته إسرائيل

وتشير الصحيفة إلى أن حرب 1973 أنهت مسيرة باهرة للجنرال زعيرا، فقد تولى منصبه كرئيس للاستخبارات العسكرية بعد مناصب عالية. وتضيف: “زعيرا هو نموذج غير عادي من رؤية تجمع بين السيف والكتاب، مقاتل، لكنه ضليع بالفن والفلسفة، وكان لديه حظوظ كبيرة كي يصبح رئيساً للأركان، وفق الذين عملوا معه آنذاك. كان رئيسَ استخبارات عسكرية صارماً، مثقفاً، حازماً، ومختلفاً تماماً عن الصياغات الحذرة والغامضة المتوقعة من الذي يشغل هذا المنصب”. وتقول إنه عندما رفض زعيرا التحذيرات السابقة التي وصلت إلى القيادة من أشرف مروان بشأن قيام سوريا ومصر بهجوم، في كانون الأول/ديسمبر 1972، وبعدها في أيار/مايو 1973، بدا أن الأمل الذي وضعه موشيه ديان في الضابط الكاريزماتي قد تحقق.

 وتتابع: “في تلك الفترة، وقع زعيرا في خضم صراع شرس كان يدور في داخل قيادة المؤسسة الأمنية بين مؤيدي رئيس الأركان السابق حاييم بار-ليف وخط التحصينات الذي يحمل اسمه، والذي أقيم على طول قناة السويس، وبين معسكر أرئيل شارون، قائد المنطقة الجنوبية، الذي كان مع الابتعاد عن القناة كي لا نكون مكشوفين أمام هجوم مفاجئ من العدو، وبناء خط دفاع أول بعيد في عمق سيناء.

وتقول الصحيفة إن زعيرا  كان يعتقد أن شارون على حق: “حتى نائب رئيس الأركان كان مع ذلك، وحتى أنا، الأصغر رتبةً، قلت لضباط رئاسة الأركان، بصفتي رئيساً للاستخبارات العسكرية، أقول لكم إنه يوجد على الجانب المصري من القناة 100 ألف جندي، و1200 مدفع، و1000 راجمة صواريخ، وفي جانبنا، يوجد كحد أقصى 1000 جندي، ينتشرون على مسافة 120 كيلومتراً، ولا يستطيع الموقع رؤية الموقع الآخر. تحدثت مع ديان عن ضرورة إنشاء ساحة قتال، ليس على بُعد 100 متر من الجيش المصري، وإنما على رؤوس الجبال”.

وقبيل الحرب، بدأ ديان بتغيير رأيه، يقول زعيرا: “بعد مرور عدة أشهر، وفجأة، أجرى ديان نقاشاً، وقال بصورة فجائية: أقترح التراجع 30 كيلومتراً. لم يذكر السبب، ولا كيف. لم يكن هذا جدياً، لكن حتى في ذهنه، لم يكن الجلوس على طول القناة منطقياً”.

نوايا السادات

وتقول الصحيفة العبرية إن إرثاً آخر ورثه زعيرا وشكل نقطة الانطلاق في افتراض وحدة الأبحاث، وهي أنه كي يقرر السادات الذهاب إلى حرب، يجب أن تتوفر شروط مسبقة أساسية تتعلق بتسليح الجيش المصري بصواريخ بعيدة المدى وبطائرات متطورة، وهو ما يشكل نقطة ثقل مضادة في مواجهة قدرة سلاح الجو الإسرائيلي، كما ظهر في حرب الاستنزاف، وفي مهاجمة العمق المصري.

وتضيف خلال تتبعها الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي التاريخي: “هذه الافتراضات الأساسية مع كلمات من نوع “معقولية ضئيلة”، كتبتها وحدة الأبحاث صباح يوم الجمعة، قبل الحرب، لا تزال ترافق زعيرا منذ ذلك الحين، وكذلك الجيش وشعب إسرائيل كله، بالإضافة إلى كلمة النظرية”.

 وتنقل عن  زعيرا قوله: “عندما قدمت شهادتي أمام لجنة أغرانات، وسألني أعضاء اللجنة مختلف أنواع الأسئلة، رأيت أنهم لا يفهمون الموضوع، وليسوا ضالعين بما نتحدث عنه، وقررت أن أجد كلمة تتناسب مع عقيدة شعبة الأبحاث التي لم يُطلق عليها اسم حتى الآن، وجاء في ذهني كلمة “نظرية”. قلت لأعضاء اللجنة إنه كان لدينا قائمة شروط طويلة مع أدق التفاصيل، مثل عدد الصواريخ وعدد الأسراب والطائرات من الأنواع المختلفة، يجب أن تتحقق كي يشن السادات حرباً. وكان لدينا خبراء في الموضوع، مهمتهم فحص قدرات الجيش المصري طوال الوقت، والتحسينات، وهل وصلت إلى المستوى الذي وضعه السادات. في الأشهر الأخيرة قبل الحرب، وبعد صفقة السلاح مع الاتحاد السوفياتي حصل المصريون على شحنات كبيرة من العتاد، وجرى ردم جزء من الفجوات. كنا نتابع ما يحصلون عليه، واعتقدنا أنهم عندما سيحصلون على الطائرات، ستقع الحرب. لكن الصحيح هو أنه حتى تشرين الأول/أكتوبر 1973، لم يحصل المصريون على الطائرات، لذا، من وجهة نظر الاستخبارات العسكرية، ليس هناك حرب. من جهته، السادات قرر، كما أصبح معروفاً اليوم، الذهاب إلى الحرب بما هو موجود، من أجل التوصل إلى مفاوضات سياسية، والحصول من غولدا مئير وموشيه ديان على ما رفضا إعطاءه من دون حرب؛ استعادة سيناء”.

والسؤال هو كيف لم تعرف إسرائيل بالتغيير الذي طرأ على تفكير السادات؟

عن ذلك يقول زعيرا إن الجواب الواضح أن مَن زرع في إسرائيل الثقة بالنظرية، هو أيضاً مَن لم يخبرنا بأنها باطلة، هو الجاسوس المصري أشرف مروان الذي كان أفضل جاسوس جندته إسرائيل وشغلته أكثر من مرة، بحسب خلاصات أبحاث الموساد، لكن بحسب الأحاديث التي أجراها زعيرا على مرّ السنوات، وفي الكتاب الذي نشره، كان أشرف مروان في الواقع عميلاً مصرياً مزروعاً في العمق الداخلي للعدو الصهيوني، واللولب المركزي في خطة الخداع المصرية..”.

وتتابع الصحيفة: “يقول زعيرا الآن إنه شك في مروان منذ اللحظة الأولى: شخصان رفيعا المستوى في الموساد كنت أحترمهما جداً، قالا لي إن ثمة شيئاً مريباً مع هذا الجاسوس، لذلك، لم أوافق على ما كان يأتي به، إلا إذا كانت وثائق يمكن التأكد من أنها ليست مزورة، ولم أصدق ما كان ينقله إلينا شفهياً”.

وتوضح “يديعوت أحرونوت” أنه، في كانون الأول/ديسمبر 1972، قالت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، التي كانت برئاسة زعيرا، إن التحذير الذي نقله مروان عن حرب وشيكة ليس صحيحاً. يقول زعيرا: “بعد التحذير الذي وصل من مروان عن الحرب، في أيار/مايو، قلت لسلاح الجو: ما هي المطارات الأساسية لسلاح الجو المصري؟ فقالوا لي هذا وذاك. قلت لهم صوروها، وادرسوا النتائج. لماذا فعلت ذلك، لا أدري؟ مجرد حدس. رأيت في مطارين وثلاثة مطارات أن المصريين مشغولون بإصلاح وتعبيد مدارج الطائرات. وقلت لنفسي: لا يمكن أن يخوضوا حرباً، والمطارات قيد التصليح. لاحقاً، تبين أن مصر لم يكن لديها القدرة بتاتاً في أيار/مايو على شن حرب”.

في الأسابيع الماضية، بدا كما لو أن الحرب اشتعلت من جديد. ليس الحرب بين إسرائيل والجيشين السوري والمصري، بل الحرب بين الجيش الإسرائيلي والموساد

حرب إسرائيلية داخلية

وتقول الصحيفة العبرية أيضاً إنه، خلال الحديث معه، روى زعيرا كيف نقل أشرف مروان رسالة تهدئة، في أيلول/سبتمبر، بأن الحرب تأجلت حتى نهاية السنة، عندما كان العديد من المسؤولين الكبار في سوريا ومصر يعرفون موعد الحرب، الذي حُدّد عشية يوم الغفران اليهودي.

وتضيف: ” كثيرون ممن اعتمدوا على أن الأرشيف سيبقى سرياً إلى ما لا نهاية، ادّعوا أن زعيرا كاذب، لكن المواد التي جرى الكشف عنها تدل على أنه كان صادقاً. في الأسابيع الماضية، بدا كما لو أن الحرب اشتعلت من جديد. ليس الحرب بين إسرائيل والجيشين السوري والمصري، بل الحرب بين الجيش الإسرائيلي والموساد، وبين المؤيدين للمعسكرين: أنصار رئيسة الحكومة غولدا مئير ورئيس الموساد زامير من جهة، ومن جهة ثانية، الذين يدافعون عن وزير الأمن ديان ورئيس الأركان ورئيس الاستخبارات الإسرائيلية زعيرا وشعبة الاستخبارات”.

وتنقل الصحيفة عن رجل استخبارات محجوب الهوية رفيع المستوى وضليع بالموضوع، وبما تحتوي عليه هذه الصناديق: “زعيرا هو المسؤول عن الإخفاق الكبير في تقديرات أمان بعدم توقع نشوب حرب. هو وموظفوه، كان عليهم شرح خطورة الوضع وإصدار تحذير من الحرب. كل هذا لا يمنعنا من أن نفحص فعلاً لماذا فوجئنا وكيف. يجب فحص حجج زعيرا بصورة جوهرية، بدلاً من رفضها لمجرد أنه طالب بها. وفي اليوم الذي نستطيع الوصول إلى الوثائق السرية، ستنتظرنا مفاجأة كبيرة”.

وتتساءل حيال القضية التي ما زالت تشغل الإسرائيليين بشكل واسع جداً: لماذا مع كل المعلومات التي تراكمت لديكم من كل وحدات جمع المعلومات، وكشف الوحدة 8200 عن إجلاء المستشارين الروس، لم تؤد إلى تعبئة الاحتياطيين، الأمر الذي جرى فقط عندما حذّرَ أشرف مروان، قبل 12 ساعة فقط من بدء إطلاق النار؟ هل اعتقدوا أن لديهم أداة تنصت على دماغ السادات، وانتقلوا من تقدير قدرات العدو إلى تقدير نيات العدو، وربما هنا يمكن جذر الشر؟

عن ذلك تعود وتقول إن زعيرا ليس مستعداً للاعتراف، لكنه مثل غولدا وديان ورئيس الأركان والموساد، انتظروا سماع ما سيقوله الجاسوس أشرف مروان، وأن يعطي الإشارة، ودلائل إضافية حتى يعطوا الأوامر بتعبئة الاحتياطيين، وجرى هذا قبل 12 ساعة من بدء الحرب.

كما تتساءل إذا كان صحيحاً أن مروان كان يعمل لمصلحة المصريين، كما تدعي، لماذا جاء محذراً؟

عن ذلك يقول زعيرا: “لأن هذه المرة، كانت الصور الجوية مخيفة، تجمعات للقوات بأعداد كبيرة، ومعلومات أُخرى، بحيث لم يعد في مقدور مروان عدم التطرق إلى ما أصبح الجميع يعرفه”.

 وتقول، من جهتها، إن زعيرا يعترف بأن الرابح الأكبر في هذه السنوات كان الرئيس المصري، وهو يقول: “في نظري هو من كبار السياسيين في جيله. كان عبقرياً إلى جانب أقزام في تلك الفترة. ومن المحتمل جداً أن السادات أراد المحافظة على مصدره مستقبلاً، وعدم حرقه لأنه لم يكن يعرف كيف ستنتهي الحرب، وما إذا كان سيحتاج إلى أشرف مروان مرة أُخرى”.

 


“القدس العربي”:

التعليقات على خبر: رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية خلال حرب 1973: السادات إلى جانب أقزام فترته كان عبقرياً وواحداً من أكبر السياسيين في جيله

حمل التطبيق الأن